من أسبوعية النضال العمالي في 16 أيار/مايو 2018
الرابط نحو النص الاصلي : https://journal.lutte-ouvriere.org/2018/05/16/moyen-orient-limperialisme...
في الثامن من ايار/ مايو، أعلن ترامب عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية الموقعة في عام 2015 بشأن الطاقة النووية الإيرانية. بعد أقل من يومين، قامت الحكومة الإسرائيلية، التي كانت قد ضغطت من أجل إنهاء الاتفاق، بعملية قصف مكثفة ضد القوات الإيرانية في سوريا. قد يكون هذا مقدمة لنزاع جديد مفتوح ومباشر بين دولة إسرائيل المدعومة أمريكيا وإيران.
وبغض النظر عن التغريدات الفظة، والتهديدات اللفظية والابتهاج الماكر بمعارضة سلفه أوباما، فإن سياسة ترامب هي سياسة الإمبريالية الأمريكية التي تبدأ تحولا في محاولة لإضعاف إيران، في تناغم مع الحكومة الإسرائيلية حيث يكرر باستمرار وعلى ما يبدو وزير قواتها المسلحة، أفيغدور ليبرمان، بأنه يعاني من ثلاث مشاكل: "إيران وإيران وإيران"
فرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو اطلق في الأمم المتحدة مزاعم حول عدم احترام إيران للاتفاقية، وهذا بمستوى الأكاذيب عن أسلحة الدمار الشامل للعراق التي استخدمت من قبل بوش لتبرير حربه. يضاف إلى ذلك ضغوط من المملكة العربية السعودية، حليف آخر للولايات المتحدة، يرغب بتحطيم نفوذ إيران.
المسألة بالغة الاهمية خاصة وأن من خلال إيران، يتم استهداف النظام السوري وكذلك روسيا.
طالما كان ائتلاف هذه القوى الثلاث يحارب زعزعة الاستقرار في المنطقة التي سببتها منظمة الدولة الإسلامية والجماعات الجهادية الأخرى، فإنه كان يخدم مصالح الولايات المتحدة والقوى الإمبريالية الأخرى، بما في ذلك فرنسا. وهكذا، بعد أن فكرت بالتخلص من نظام بشار الأسد، رأت الولايات المتحدة نفعا مؤقتا بالاحتفاظ به.
أما اليوم، إن مشكلة الولايات المتحدة ليست بوجود دكتاتورية في سوريا مسئولة عن موت مئات الآلاف من الناس، ولكن ما يؤدي بقاؤه من تعزيز لقوة إيران ولنفوذ روسيا في المنطقة.
والأمر سيان بالنسبة لإسرائيل التي تتفق على هذه النقطة مع المملكة العربية السعودية أيضا وكذلك العديد من الدول العربية، وهي تستنكر تواجد إيران في سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن. ان لهذا صدى مع تطلعات الولايات المتحدة، التي تريد الهيمنة على المنطقة دون أن تعيقها قوة أخرى، روسيا، التي تعتبر إيران حليفتها.
وبالكاد بلغ كابوس نهايته لدى الشعب السوري القاطن في المناطق التي سيطرت عليها منظمة الدولة الإسلامية، وإذ بحرب جديدة تلوح في الافق. والجولان على وجه الخصوص، هذه الهضبة في جنوب غرب سوريا التي تحتلها إسرائيل منذ حرب حزيران / يونيو 1967، هو مرة أخرى في وسط خطر اندلاع حرب في المنطقة، وربما هذا ليس إلا البداية.
مرة أخرى، فان قرار حكومة الولايات المتحدة قد يكون مصدرا لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، أو حتى لحرب جديدة. وترامب ليس سوى على صورة الإمبريالية ذاتها. فالامبريالية تريد السيطرة على الشرق الأوسط وذلك بشكل كامل. ويمكنها أن تقبل في بعض الفترات التفاوض مع أنظمة مثل في سوريا وفي العراق وكذلك إيران وحتى روسيا، إذ أن هذه الانظمة لا تطمح إلا إلى التعاون معها. لكن الامبريالية ترى أن هذه الأنظمة تبالغ في سعيها للدفاع عن مصالحها الخاصة، وفي البحث عن حلفاء آخرين، فهي بذلك غير مضمونة كليا. ولهذا، وعندما يتاح المجال لها، فإنها لن تتردد في تدمير هذه الانظمة، وحتى لو توجب ذلك اندلاع حرب جديدة.
هل إعلان ترامب هو اعلان حرب جديدة واسعة النطاق، أم هو مجرد غطرسة أخرى من غطرساته؟ على أية حال، إنه على صورة الإمبريالية المستعدة لفرض هيمنتها بأي ثمن.