غزة : شعب يقتل ( افتتاحية النضال العمالي عدد 2110 - 9 يناير/كانون الثاني 2009 )
ما يجري في غزة يدعي إلى الكثير من السخط و الغضب. إذ أن واحدا من أحدث الجيوش و أقواها ترسانة في العالم يدفع اليوم بدباباته لإتمام إرهاب سكان غزة بعد أن قصف هذا القطاع الصغير أين يكتظ أكثر من مليون فلسطيني.
يجرؤ قادة إسرائيل على التصريح بأنهم لا يستهدفون الشعب الفلسطيني بل فقط حركة حماس الإسلامية التي تحكم القطاع. إن هذا لنفاق وقح فغزة من أكثر مناطق العالم كثافة وكل من يتلقون القنابل ليسوا من ناشطي حماس.
سبق الهجوم البري أسبوع من القصف خلف 400 قتيل أعظمهم مدنيين نساء و رجالا و أطفالا. كم ستخلف هذه الهجمة البرية من قتيل إضافي يسقط تحت الرصاص أو لانعدام الإسعاف. لحد الآن لا زالت غزة منطقة مغلقة حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من اقتراف جرائمه على راحته بعيدا عن الأنظار.
يدعي قادة إسرائيل " أن حماس هي التي خرقت الهدنة بقذف جنوب إسرائيل بالصواريخ". كأنه من الممكن المساواة بين عشرات من الصواريخ خلفت خاصة خسائر مادية و قتيل واحد قبل الهجوم البري الإسرائيلي و بين القصف المكثف على أرض مكتظة بالسكان.
ثم إن الهدنة الموقعة كانت تتضمن رفع إسرائيل حصارها الكامل على غزة موازاة مع وقف العمليات المسلحة. لكن إسرائيل لم ترفع الحصار أبدا. بينما تخضع غزة في كل حاجياتها من أكل و دواء و كل شيء إلى الخارج. إبقاء الحصار هو إذا شكل آخر لإبادة الشعب.
ثم ماذا تعني الهدنة ؟ منذ ستين سنة و إسرائيل تحرم الشعب الفلسطيني من أرضه و حقوقه و حرياته الأولية. بالطبع حماس حركة رجعية تباشر دكتاتورية على شعبها بإقصاء الحركات الفلسطينية الأخرى لكن الشعب الفلسطيني لم يسلم من الاضطهاد منذ ستين سنة أي قبل و بروز حماس.
يجب التذكير بأن دولة إسرائيل بنفسها ساعدت على تقوية حماس حتى ينافس منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عرفات و التي كانت تقود الحركة الوطنية الفلسطينية.
لا شيء يمكنه تبرير الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. إنها حرب غير عادلة تهدف إلى مواصلة اضطهاد الشعب الفلسطيني سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا.
إن مواصلة هذا الاضطهاد مضر للشعب الإسرائيلي بنفسه. فشعب يضطهد شعبا آخر لا يمكنه أن يكون حرا. و إذا كانت وضعية حراس السجن أفضل من وضعية المساجين لكنهم يتقاسمون معهم جزءا من الحياة داخل السجن.
بدل أن يبحث القادة الإسرائيليون عن كسب صداقة الشعوب العربية المحيطة بهم لتأمين تعايش أخوي بين الشعبين الإسرائيلي و الفلسطيني اختاروا بناء دولتهم على أساس نفي حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته. لتحقيق أمن دولتهم اختار قادة إسرائيل ، على اختلاف انتماءاتهم السياسية ' لعب دور الجمركي لفائدة القوى الكبرى الولايات المتحدة و كذلك فرنسا. إن الإمبريالية تريد السيطرة على الشرق الأوسط لدواع إستراتيجية عسكرية و بسبب خيراته البترولية أيضا.
مقابل دور الجمركي كسبت دولة إسرائيل دعم الولايات المتحدة الدبلوماسي و المالي و العسكري بأسلحة جد متطورة. و لكن منذ ستين سنة لم تؤدي هذه السياسة إلى أي مخرج. الدولة الإسرائيلية تسيطر على الشعب الفلسطيني و لكن الشعب الإسرائيلي هو بنفسه لا يستطيع الخروج من حالة الحرب.
يجب على العمال بفرنسا التضامن مع الشعب الفلسطيني و المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة. ولكن لا يجب عليهم نسيان مسؤولية القوى العظمى و من ضمنها فرنسا في سياسة "فرق تسد" و فحواها تحريض الشعوب على بعضها البعض للسيطرة عليهم.
أرليت لاكوييه
افتتاحية النضال العمالي عدد 2110 - 9 يناير/كانون الثاني 2009