سيطر نشاط الامبريالية الامريكية المهتاجة السياسة الدولية خلال سنة 2002 من الجهتين العسكرية والدبلوماسية.
منذ الايام الاولى التي ولت اعتداءات 11/09 تناولت الولايات المتحدة تفويضا كاملا لدى منظمة الامم المتحدة لتعمل كما تريد. فقررت انفراضيا الحرب ضد افغانستان دون ان تترك خيارا للبلدان المجاورة - و فيها الباكستان - و للدول الامبريالية الاخرى الا ان تمتثل لقراراتها.
ابتدات سنة 2002 مع تولية حكومة في افغانستان يراسها حميد كرزاي (؟) و هو مولى الولايات المتحدة و قريب من الاحتكار النفطي " اونوكال " المهتم ببناء جط انابيب يعبر افغانستان اهتماما كبيرا فتنتهي سنة 2002 مع استعداد حرب جديدة ضد العراق.
كتبنا اثناء مؤتمر سنة 2001 ان " اعتداءات نيو يورك وواشنتون والمناورات الدبلوماسية والعمليات العسكرية التي ولتها لا تكون تحولا في العلاقات الدولية بل كاشفا. "
نجح جورج بوش في ارساء سلطته الرئيسية الصادرة عن انتخابات مشكوك فيها و في تعزيزها معتمدا على الانفعالية التي اوجدتها هذه الاعتداءات في الراي العام الامريكي فمطولا هذه الانفعالية بفضل جو حربي ضد افغانستان اولا ثم ضد العراق.
غير ان جو الاتحاد الوطني يسمح وراء شخصية بوش لحكام الولايات المتحدة بانتشار عدوانية دولة امبريالية كبرى بدون مواربة اما على المستوى الاقتصادي و اما على المستويات السياسي والدبلوماسي والعسكري.
يوم حدثت اعتداءات 11/09 عبرنا عن استنكارنا الشديد لها. اننا نعارض على الاطلاق الطرائق الارهابية التي تستهدف دائما يا ان تخادع الجماهير الشعبية في احسن حالة يا ان تفرض عليها دكتاتورية عموما فذلك حتى وانتذرعت بهذه الجماهير.
اما التبعية الاسلامية المسؤولة عن اعتداءات 11/09 فلها اهداف سياسية رجعية للغاية اما على المستوى السياسي و اما على المستوى الاجتماعي. فان الجماعات التي تقع في هذه التبعية من بن لادن الى الجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية هي اعداء لداد للبروليتاريا.
مضت سنة فقط على اعتداءات 11/09 فنرى ايضا انها لم تضعف الامبريالية الامريكية فحسب بل سمحت لحكامها السياسيين بالحصول على دعم مواطنيهم لم يسبق لهؤلاء الحكام التجاسر على الامل فيه.
ان مناورة الراي الضخمة المبذولة في الولايات المتحدة حول " الكفاح ضد التهديد الارهابي " لا تقايس بما يجوز هذا التهديد ان يمثل ومع ذلك لا يديرها الفريق السياسي الحاكم فقط بل تبدله ايضا في هذا العمل كل القوات السياسية الكبرى في البلد و صناع الراي و وسائل الاعلام.
تقدم حاليا سياسة الولايات المتحدة كلها كانها ناتجة مباشرة او غير مباشرة عن ضرورات كفاح الديموقراطية ضد التعصب والخير ضد الشر والتمدن ضد التخلف بينما خلف المسوغات الاخلاقية نجد الاستمرار في السياسة الامبريالية المدارة لضمان استلاء الكتل الصناعية والمالية الكبرى على اقتصاد العالم.
ان الولايات المتحدة هي الاولى في ممارسة الارهاب الحكومي على نطاق واسع. منذ مجرد الحرب العالمية الثانية ارفت تاريخها اعمال ارهابية تستهدف التاثير على الشعوب التي تريد الولايات المتحدة خضوعها ابتداء من القنابل النووية الملقاة على اليابان الذي كان حينئذ في ايديها او القصفات الكثيفة على المدنيين في المانية.
اما ارهاب التبعية الاسلامية على الاخص فمن الواجب ان نتذكر بالاضافة دور الولايات المتحدة في تقوية هذه التبعية الرجعية لجعلها موازنا للتيارات المذكورة بالتقدم او بالقرابة من الاتحاد السوفياتي و دور مخابراتها في تجهيز الجماعات الارهابية. ذكرت كاتبة هندية معارضة الحرب ضد افغانستان ان " بن لادن سر عائلي لامريكا. "
بدات الغوغائية حول " الكفاح ضد التهديد الارهابي " و ضد " الدول الاوغاد " تحل محل الغوغائية ضد " التهديد السوفياتي " منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. لكن هذه الغوغائية بلغت ذروتها بعد اعتداءات 11/09.
كان التلويح بالتهديد السوفياتي كاذبا في عصر الحرب الباردة لفرط ما الديوانية السوفياتية لا ترغب ان تسلك مسلك نزاع حاسم مع المعسكر الغربي. اضافة الى ذلك التبرير بوسيلة " الخطرالسوفياتي " لتدخل الولايات المتحدة في الكثير من النزاعات حيث قد تبدو مهددة الا مصالح احتكاراتها بل احتمار واحد كما حدث سنة 1954 في جواتمالا كان كذبا مكشوفا.
القوة التي كان الاتحاد السوفياتي يمثلها حتى حين حكامه كانوا يؤكدون على ارادتهم " للمعايشة السلمية " والتدابير في التحالف مع بلدان كانت تبتعد عن واشنتون و وجود مناطق توتر بل نزاعات مسلحة محلية بين المعسكرين فكل هذا كان يوفر مقبولية لغوغائية حكام الولايات المتحدة.
انما قد يبدو سرياليا الادعاء ان دول كالعراق و ايران و ليبيا او كوريا الشمالية تستطيع ان تمثل خطرا للولايات المتحدة كما قد يبدو سرياليا استبدال تهديد القاعدة بتهديد " الكتلة السوفياتية " المتوفاة لتبرير برنامج نفقات عسكرية لا مثيل لها.
و مع ذلك تروج الغوغائية لا سيما و ان جو يعتني به ضغط اما سياسي او قضائي او اعلامي يذكر من جهات عديدة سنوات الماككارثية يكمل الذكر لصورة برجي الورلد ترايد سنتر المتهدمين او لصورة البنتاغون الناري.
عبرت دائما سياسة الولايات المتحدة عن مصالحها الامبريالية. في عصر وجود الكتلة السوفياتية كانت مصالح الولايات المتحدة الخاصة تتحد مع دورها كدركي النظام الامبريالي كله.
بعد فشل الحرب ضد الفيتنام و وقع ما كلفت على الصعيد الانساني هذه الحرب للولايات المتحدة نفسها في الراي العام كان خلال فترة من الاصعب على حكامها السياسيين ان يحصلوا على الاجماع من قبل مواطنيهم لسياسة خارجية عدوانية و للشروع في عمليات عسكرية خصوصا في التي قد تتمخض عن خسائر امريكية.
شعرت الولايات المتحدة اثناء التدخل الاول في العراق بالحاجة الى عرض تدخلها كانه التعبير عن ارادة الامة الدولية. كان قبول الامم المتحدة لتاكيد صلاحية هذا الدعوى اكثر توجها الى الراي العام الداخلي منه الى الراي العام العالمي.
في يوغوسلافيا السابقة حيث كان اسهل على التدخل الامريكي ان يلتبس جبة التدخل الانساني فاختارت الولايات المتحدة ان تتدخل نيابة عن الحلف الاطلسي.
في الاستعداد الحالي للحرب ضد العراق قال بوش و اعاد قوله انه سيبدا الحرب اذا ظن الامر مفيدا سواء ان توافقه الامم المتحدة عليها ام لا. ان مساخر الامم المتحدة حيث شيراك يتغطرس انه تفرد فيها هدفها التاجيل لفائدة حكام الولايات المتحدة ربما لتقنيع تردداتهم حول التصرف المناسب و لكن هذه المساخر لا تستهدف قرارا اجماعيا ابدا. لا تتردد الولايات المتحدة ان تؤكد في كل المجالات ان ما خير لها خير للعالم معضدة بشرعية
" الحرب الشاملة ضد الارهاب ".
من الشائع و خضوضا في الاوساط السياسية التابعة للدول الامبريالية الصغرى ان يحسر على الاحادية الامريكية و ان يندم ان انهيار الكتلة السوفياتية لم يفض الى بروز نظام تقرير جمعي.
خلف لحن هذه الكلمات تكمن رغبة الدول الصغرى في العالم الامبريالي ان تشارك في القرارات الخاصة بالنظام الامبريالي العالمي.
تود الامبرياليات الفرنسية والانجليزية والالمانية ان ينتظم النظام الامبريالي وفقا لمصالحها الخاصة كما تفعل الولايات المتحدة لكن ليس في وسع هذه الدول ان تفرض هذا الامر. يجب عليها طوعا او كرها ان تقبل في عالم تسيطره علاقات قوة الامتثال لخيارات الامبريالية الامريكية.
على المستوى الاقتصادي يهيمن الاقتصاد الامريكي على الاقتصاد العالمي منذ قرن تقريبا.
فالحرب العالمية الثانية عززت تفوق الولايات المتحدة على دول اوربا الامبريالية القديمة التي ادمت بعضها البعض اثناء حربين عالميتين.
وجود الاتحاد السوفياتي و الى حد ما وجود الكتلة السياسية المحيطة به حول جزء الكرة الارضية عن الاقتصاد الامبريالي حتى و لو كان الجزء المذكور يعاني من ضغطه. و لكن اصبح هذا الامر خبر كان منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
استخدمت الولايات المتحدة قوتها الاقتصادية اثناء الحرب العالمية الثانية و بعدها لتفرض بعض التنظيمات على الاقتصاد الامبريالي في نطاق العالم. اطيلت الدولانية الامريكية الموجهة في الاول الى دعم الراسمالية الامريكية لتخرج من الازمة و كساد 1929 نحو باقس العالم الذي يهيمن عليه الراسمال عن طريق بعض المنظمات المتحدرة من بريتون وودز مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة التي اصبحت منظمة التجارة العالمية الخ.
مع ان كانت صانعة تنظيم الى حد ما لاحياء الاقتصاد الراسمالي العالمي اصبحت الولايات المتحدة انطلاقا من السبعينات اهم صانع لابطال هذا التنظيم.
انتهت السطوات الاستعمارية و بعد ذلك اختفت فجائيا او تدريجيا الحمايات الدولية التي كانت بعض الدول الفقيرة تحتمي بها ثم انهارت الكتلة السوفياتية السابقة فكل هذا فضل اقوى الكتل المتعددة الجنسية التي معظمها امريكية.
كان من الشائع في ستينات ان يتوقع زوال الدولة الامريكية و تحدث دوريا او في آن واحد عن المعجزات اليابانية والالمانية و حتى الاطالية. و لكن خلال الثلاثين سنة الاخيرة التي عانى النظام الراسمالي الازمة و عدم الثبات فيها عززت الامبريالية الامريكية تفوقها على الدول الامبريالية الاخرى و على الارض كلها بالطبع. تقرن الولايات المتحدة العدوانية الخارجية عن طريق كتلها الكبرى و دبلوماسيتها و بالحمائية تجاه سوقها الداخلية حفاظا على هذا التفوق.
فقبل كل شيء تعتمد قوة الامبريالية الامريكية الاقتصادية على جهازها الانتاجي الضخم و على موقفها المسيطر في صدد البحث العلمي والتقاني و كذلك على نهب اغلبية الارض عن طريق هذه الكتل الكبرى التي تضم العالم بين شبكة ضيقة الزردات تنسجها فروعها.
الا ان الراسمالية الامريكية تعمل ايضا مندوبة راسمالية العالم كله و هي تحامي " مصالحها الوطنية " اي مصالح كتلها نفسها.
بفضل قوتها الاقتصادية و بفضل دور الدولار في الاقتصاد العالمي لا تزال الولايات المتحدة تجذب رساميل الدول الامبريالية الاخرى بل مال برجوازية البلدان الفقيرة بغض النظر عن مال المخدرات او مال المافيا الدولانية والمجرمة الروسية.
فلذلك السبب بالذات مهاجمة الامبريالية الامريكية دون مهاجمة الامبريالية نفسها ليست طريقة للجري على مجرى برجوازياتنا فحسب بل هذا شيء سخيف.
مهما نافست مصالح الامبرياليات الوطنية فهي متشابكة للغاية. حكام الامبريالية الامريكية مشجعون على تحديد مصالح بلدهم الوطنية اي مصالح كتلها نفسها كمصالح العالم الامبريلي لا سيما و ان هذا يوافق واقع.
تمتد الامبريالية الاقتصادية الى الامبريالية العسكرية. رغم اختفاء " العدو السوفياتي " تبلغ الميزانية العسكرية الامريكية ذرى لم تبلغ في اسوا احيان " الحرب الباردة ".
تساوي آخر ميزانية الدفاع الوطني الامريكي بخصوص سنة 2003 الضريبية 379 مليار دولار اي ارتفاع ب 10.7 % بالنسبة الى السنة الضريبية السابقة. تفوق قيمة هذه الميزانية النفقات العسكرية المجموعة للدول العسكرية الخمس عشرة التي تلي الولايات المتحدة و تسعى هذه الميزانية سعيا مرتفعا و سريعا الى سنة 2007 حافرة فجوة عميقة بين المعدات العسكرية الامريكية و معدات باقي العالم. فالاحوال الاقتصادية و احوال هذه النفقات العسكرية متشابكة للغاية.
تستهدف النفقات العسكرية ضمان وجود الولايات المتحدة العسكري في عدد متزايد من بلدان العالم. اتاحت الحرب في افغانستان فرصة للجيش الامريكي ان يعزز وجوده في المنطقة التي كانت سابقا تحت السيطرة السوفياتية و في القوقاز و في عدة بلدان آسية الوسطى.
لكن هذه النفقات حيوية للراسمال الامريكي. تعيش بعض اكبر كتل هذا البلد - و منها بويغ و جنرال موتورز و لوكهيد مارتين و نورثروب جرونمان و كتل اخرى عديدة - بفضل طلبيات البنتاغون اساسيا. لا تسمح الميزانية العسكرية لهذه الكتل بأن تضمن لنفسها ارباح ضخمة بقدر وفاء هذه النفقات فحسب بل تسمح لها اضافة بأن تعزز موقفها في السوق العالمية بفضل سوق دولته نفسها المخصصة لها. تخشى الكتل الاوربية و خاصة الكتل المرتبطة بالاسلحة ان تخسر تدريجيا الدول الزبائن المتحدرة من المناطق التي كانت سابقا تحت نفوذ اوربا.
وكذلك تقدم قسم " بحث و تطوير " في الميزانية العسكرية الامريكية امر بليغ. في كل البلدان الامبريالية جرت العادة ان الراسمال يجعل الدولة والجيش بالادق تمول استثماراته في البحث. لكن بما ان الرساميل المخصصة بها في الولايات المتحدة اضخم منها بكثير فتزداد هيمنة الصناعة الامريكية باستمرار و من ضمنه في المجال التقاني.
ليس من المفيد ان نسرد كل مناطق التوترات الطويلة اللائحة لا سيما و ان سياسة الامبريالية الامريكية العدوانية خلال سنة 2002 لم يكن من شانها ان تنزع التوترات بل ان تشددها و تثير توترات جديدة.
استفادت حكومة شارون الرجعية في اسرائيل من السياسة الامريكية لايقاف اي نوع من المفاوضات مع الفلسطينيين بل للطعن في وجود السلطة الفلسطينية و هي دولة كاريكاتورية اوجدت من قبل. كاد الحكام الاسرائيليون يبعدون عرفات. يخربون منهجيا بعض رموز سلطته الساخفة و هم يشبهونه ببن لادن بالاشتراك مع واشنتون.
حتى في افغانستان لم يثبت التدخل الامريكي الوضع و خلف حكومة مناصرة الغرب في كابول يستمر سادة الحرب في تمزيق البلد.
و كذلك تهييج التوتر بين الهند و باكستان هو منتوج جانبي للسياسة الامريكية في المنطقة. و ليس من الصعب ان نتوقع ان العديد من النزاعات المشعلة منذ تفكك الاتحاد السوفياتي في القوقاز او في آسية الوسطى ستتسع مع الوجود العسكري الامريكي في المنطقة و مشاركة الحكام المحليين في نظام التحالفات الذي اقامه واشنتون.
و نتوقع توقعا اسهل ان عواقب صعبة التوقع ستترتب على حرب ضد العراق اذا مدد واشنتون التومئات الحالية بتدخل عسكري في العراق و حتى ليصرع صدام حسين. لا شيء يضمن - و بالعكس - ان سكان العراق الذين عانوا دكتاتورية صدام حسين منذ مدة طويلة سيستقبلون الجنود الامريكيين كأنهم محرروهم.
وبالتالي لا شيء يضمن حربا سريعة رغم تفوق الولايات المتحدة العسكري. وان فازت الحرب فيبقى مسالة تبديل صدام حسين دون ان يتمخض هذا عن هيجان الاقليتين الكردية والشيعية كما حدث بعد حرب 1991 عندما قام صدام حسين بالعمل القذر الذي قام الجيش الامريكي به لو احتل العراق.
وبالاضافة هو من المستحيل ان نتوقع عواقب حرب بين الولايات المتحدة والعراق و خصوصا ان امتدت الى بلدان عربية اخرى. " ترقص فوق بركان " الاحكام المناصرة لامريكا في المنطقة من المملكة العربية السعودية الى مصر و هي مضيقة بين مطالبات الولايات المتحدة و اماني شعوبها نفسها.
و حتى روسيا تعاني تساقطات السياسة الامريكية.
احتج الرئيس الروسي تهديدا بعملية عسكرية ضد جيورجية بحجة ان هذه الدولة تسامحية بالنسبة الى " الارهابيين الشيشانيين " الذين لعلهم اووا على ارضها بينما الشان هو تعزيز مواقف روسيا تجاه " الخارج القريب " اي البلدان المتحدرة عن تفكك الاتحاد السوفياتي. وجد بوتين في هذه الحجة تشجيعا على مقاتلته في الشيشان التي قدمها في هذه الحالة كميدان من ميادين " الحرب ضد الارهاب الدولي " الامر الذي تاكد عند عملية اخذ رهائن في موسكو حيث بوتين يرى طبعا يد الخارج.
ان ال " باكس امريكانا " ليس السلام بل حروب مستمرة لذلم السبب الاكثر اساسيا ان الهيمنة الامبريالية على العالم تشدد البؤس في كل مكان و تظهر و تشدد مشاكل كنا نتخيل ان التاريخ قد حلها مثل نزاعات بين اقوام صغيرة او بين عروق.
فكيف بساحل العاج ؟
يعبر العصيان العسكري الجاري عن تفكك جهاز الدولة الذي تعضده الدولة الاستعمارية الفرنسية السابقة و الذي يكله الفساد و تاكله المنافسة بين بعض الوراث المزعومين للدكتاتور السابق هوفوات بواني.
ان المواجهة بين قسم الجيش الوفي حتى الآن بالرئيس القائم قباقبو و بين العصاة فتحت " علبة الشرور " للخلافات العرقية التي تستخدم غوغائيا منذ سنوات و تتعزز عن طريق كل المرشحين المنافسين للسلطة المركزية. في عدة اماكن البلد اتاح هيجان العنف العرقي المعزؤ غالبا الى الشرطة او الجيش الوفي نفسه فرصة لتلنيشات بل مجازر جمعية.
و اذا انتشر الجيش الفرنسي فهذا ليس ليفرق بين طرفي جهاز الدولة المتعارضين و ليس ليعترض سبيل الاضطهادات بل الشان الوحيد الذي يشغل بال الامبريالية الفرنسية هو ان يحفظ من التشتت النهائي جهاز الدولة الذي يدافع عن المصالح الفرنسية ضد الشعب العاجي.
و لذلك لا يستطيع الثوار الا ان يطالبوا انسحاب الجنود الفرنسية الفوري من ساحل العاج و فضلا عن ذلك من كل البلدان المستعمرة سابقا حيث لا تزال قواعد عسكرية مبقاة.
تحققنا في ختام نصنا لسنة 2001 ان في الوضع الدولي معظم القوات التي تعترض على النظام العالمي هي رجعية فاستنتجنا من ذلك ان : " الخيار الوحيد هو انبعاث الحركة العمالية الثورية الامر الذي يفتح افق اخر امام البشرية غير التعبير عن التوحش الذي لا يزال يتجدد و يتسع. تتعلق الآفاق الاساسية بقدرة الطبقة العمالية ان تحتل من جديد على المسرح الدولي المقام الذي احتلت عند ارتفاع الاشتراكية الدولي في النصف الثاني للقرن التاسع عشر او بعد ثورة 1917 الروسية. "
فليس لنا الا ان نعيد هذا الختام.
25/10/2002
1