ماكرون على قناة الجزيرة: استعماري دائما – نوفمبر 2020
من أسبوعية النضال العمالي في 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2020، العدد 2727.
أجرى ماكرون مقابلة مطولة مع قناة الجزيرة القطرية في 31 أكتوبر. إنه يود محاولة تهدئة غضب جزء من الرأي العام في البلدان الإسلامية ضد فرنسا ورئيسها وقوانينها ونشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.
أعاد ماكرون الخطاب المعتاد حول حرية الصحافة، وأن الدولة والحكومة الفرنسية لا تؤيدان الرسوم الكاريكاتورية، لكنهما تضمنان حرية النشر. وأضاف شرحا لمفهومه للعلمانية. وهو يمكنه بسهولة إدانة استثمار الإسلاميين لهذه الرسوم لتنظيم مظاهرات مناهضة لفرنسا. بالفعل أن هؤلاء لا يترددون عن الكذب والمبالغة بهدف جذب المتأثرين بهذه الرسوم وزيادة جمهورهم. لكن التنديد بهذه العملية السياسية لا يكفي، فمن الضروري فهم سبب نجاح هذه العملية ولماذا يكتسب الإسلاميون النفوذ من خلال الخطب اللاذعة ضد الغرب بشكل عام وضد فرنسا بشكل خاص.
بالنسبة لماكرون، الإسلاميون يستثمرون الشعور بالغبن الذي تخلفه ذاكرة الاستعمار من جهة، وصعوبات الشباب الساكنين في الاحياء الفقيرة في فرنسا من جهة أخرى. لكنه أضاف، بكل مراءة، أنه، كما الدولة الفرنسية، يدينان الماضي الاستعماري بالإضافة إلى أن حكومته بدأت العمل على إعطاء مستقبل للشباب. ليستنتج أن الأمور لا بد أن تترتب بفضل أصحاب النوايا الحسنة، من بين الذين يدينون كل أشكال العنف، مضيفا أن فرنسا تريد نقل رسالتها العلمانية إلى الشرق الأوسط والشرق الأوسط وإفريقيا
لسوء حظ ماكرون، إن الرسالة التي أرسلتها فرنسا إلى هاتين المنطقتين، وفي مناطق أخرى كثيرة، هي رسالة المصادرة القسرية لثروات هذه المناطق والسيطرة عليها بشكل منظم، وإحلال العمل القسري وحتى ترحيل العبيد. ومنذ استقلال هذه المناطق حتى اليوم أضافت فرنسا دعمها للديكتاتوريات القائمة عليها، واستمرار نهب الشركات الفرنسية لخيراتها، إضافة إلى تدخلات عسكرية متعددة، واستيراد فرنسا لعمالة هذه البلدان حسب احتياجاتها حينا، وإغلاق حدودها متسببة بغرق المهاجرين إليها حينا آخر.
بعد قرون من العنف دون تردد، وبينما لا تزال قوات الدولة الفرنسية تتمركز في إفريقيا والشرق الأوسط، وبينما يدعم دبلوماسيوها وأجهزتها عصابات إجرامية في كل هذه الدول، سواء كانت عصابات رسمية أم لا، وإذ بالرئيس الفرنسي يدين… العنف!
الحقيقة هي أن الإمبريالية تشن حربا دائمة للحفاظ على هيمنتها على البلدان المستعبدة، وأن فرنسا، بصفتها قوة استعمارية سابقة، ترغب الحفاظ على مكانتها وتلعب دورا كبيرا في هذه الحرب. وقد اعتمدت القوى الغربية دائما، في هذه الحرب، على التيارات المحلية الأكثر رجعية، بما في ذلك، على سبيل المثال، الإسلام الأصولي للنظام الملكي السعودي والعصابات التي كانت تناهض روسيا في أفغانستان. في هذه الحرب المستمرة، تخرج عن السيطرة بعض المخلوقات التي كونها أطباء فرانكشتاين الإمبرياليين، مثل بن لادن، العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية ومنظم هجوم 11 سبتمبر في نيويورك. كما يتمكن هؤلاء الإسلاميون من خلق مواهب لدى بعض شباب الاحياء الفقيرة في فرنسا ليقوموا باغتيالات مثل تلك التي وقعت في كونفلان وباريس، إلخ.
في مواجهة هذا الواقع، ولو أن وصفة ماكرون العلمانية والديمقراطية هي آتية من قبل ساذج، لقلنا أنها تافهة. لكنه بصفته وريث فرنسا الاستعمارية وممثل فرنسا الإمبريالية، إنها إهانة إضافية بوجه المظلومين.
مصدر النص : https://www.union-communiste.org/ar/lnsws-bllg-lrby
النص باللغة الفرنسية : https://journal.lutte-ouvriere.org/2020/11/04/macron-al-jazeera-colonialiste-il-reste_152623.html